تاريخ نشأة وتطور الهندسة الكيميائية history of chemical engineering :
علماء وجامعات مقالات متنوعةماهي اهم المراحل التاريخية التي مرت بها دراسة اساسيات الهندسة الكيميائية history of chemical engineering ومتى تم تطبيق وممارسة الهندسة الكيميائية صناعياً ومن كان يقوم بوظائف المهندس الكيميائي سابقاً؟ اضواء على اهم تطورات الهندسة الكيميائية من بداية تطبيقها عملياً الى غاية تدريسها اكاديمياً.
في هذه التدوينة سأتحدث بشكل مختصر عن تاريخ نشأة
وتطور علم الهندسة الكيميائية (history of chemical engineering), لن اطيل الحديث عنها بالتفصيل لان هناك الكثير
من المصادر التي تتحدث عنها وبشكل موسع ولكنني اردت فقط ان استوقف على
اهم اللحظات المفصلية التي مر بها هذا العلم الهندسي الغريب والفريد من نوعه من
بين جميع العلوم الهندسية الاخرى.
تُعتبر الهندسة الكيميائية فرع هندسي حديث نسبياً
(relatively recent) بدأ تدريسها فيما يقارب من بدايات القرن العشرين (Twentieth century), ولكن – كما هو الحال مع باقي فروع الهندسة الاخرى – فقد تمت ممارستها عملياً على نطاق الانتاج
الصناعي قبل ترجمتها اكاديمياً على اوراق المنهج الدراسي. وبما اننا نتحدث عن
الانتاج الصناعي فنحن حتماً نتواجد خلال بدايات الثورة الصناعية (the industrial revolution) ولكن للأسف حينها كان ينظر لكل صناعة
كيميائية على أنها ذات مبادئ مستقلة تختلف عن العمليات الصناعية للمنتوجات الأخرى
و لا مجال للمقارنة فيما
بينها.
1- ممارسة الهندسة الكيميائية في المانيا عن طريق المصانع والصناعات الكيميائية:
سُجلت الصناعات الكيماوية العضوية والغير عضوية (organic and inorganic chemicals) المربحة من طرف المانيا (Germany) وذلك من خلال انتاج
الاصباغ والدهانات والادوية
وغيرها من المنتجات الكيماوية (dyestuffs, pharmaceuticals, and other chemical products) , عندها ادركت المؤسسات
المنتجة اهمية وضرورة ادخال التكنولوجيا وتطويرها لزيادة قدرة منشآتها الانتاجية
وتحسين منتوجاتها لذلك قامت شركة بآسف الالمانية (BASF) المؤسسة
في عام 1865 والتي تعتبر عملاق الصناعات
الكيميائية في العالم بتأسيس اول مخابر للبحث والتطوير الصناعي (industrial research and development laboratories) على مستوى العالم او كما
تعرف باسم (industrial R&D facility) حيث
كان يتعاون فيها الباحثين الصناعيين (Industrial researchers) مع اعضاء مؤسسات البحث الاكاديمي (staffs of graduate schools) في المانيا والذين معاً جعلوا
من المانيا الرائد عالمياً (world leader ) في
مجال الصناعات الكيميائية والبحوث العلمية (chemical industry and scientific research) خاصة في مجال الكيمياء الصناعية.
طبعاً حينها لم يكن موجوداً ما يعرف بالمهندس الكيميائي (chemical engineer) , وحاولت المصانع الكيميائية (chemical industries) سد هذه الثغرة من خلال توظيف المهندسين
الميكانيكيين (mechanical engineers) مع الكيميائيين (chemists) ضمن فريق عمل واحد (team work) ليقوم بعمل المهندس الكيميائي.
حينها كانت
المصانع الكيميائية في المانيا حريصة
على تصميم المنتجات (product design) وتطويرها، لم تكن حريصة جدا على تحسين كفاءة عمليات الإنتاج (production processes), لان طلب الاستهلاك من هذه المواد هو
بكميات قليلة خاصة صناعات الادوية والاصباغ والدهانات.
عندما رأى
ارباب العمل في المانيا فرصاً لتصنيع منتجات جديدة (novel products) مع مطالب كبيرة بالكميات (high-volume demands)، تمكن الألمان من حشد قدراتهم التقنية في مشاريع
خاصة (special
projects) لتطوير عمليات الإنتاج (production processes). وتمكنوا في عام 1913 من ابتكار وتصميم عملية
هابر-بوش (Haber-Boschprocess) لإنتاج الأمونيا والأسمدة الاصطناعية (synthetic ammonia and fertilizer). وهي تعتبر اول عملية كيميائية صناعية (chemical process industrial) للإنتاج على نطاق واسع (full scale
production).
2- وضع الاسس الاولية لمناهج تدريس الهندسة الكيميائية في بريطانيا:
في عام (1884)
قام الكيميائي البريطاني هنري ادوارد
ارمسترونج (Henry Edward Armstrong) في معهد لندن (London Institute ) بتدريس برنامج دراسي لمستوى الشهادة الجامعية في مبادئ الهندسة الكيميائية، وقد فشل هذا البرنامج بسبب أن ثقافة أرباب
العمل في ذلك الوقت لم تستوعب مفهوم "مهندس كيميائي (Chemical
engineer) و
كانوا يفضلون توظيف الكيميائي (chemist)
ومهندس الميكانيكا (mechanical engineer).
في عام 1887 قام البريطاني جورج ادوارد ديفيس (George Edward Davis) بنشر سلسلة من المحاضرات الشهيرة تتكون من 12 محاضرة حول ممارسات التشغيل والصناعات الكيماوية البريطانية وقام بإلقائها في
جامعة مانشستر التقنية (manchester technical school) او كما تعرف اليوم باسم معهد مانشستر للعلوم
والتكنولوجيا (manchester institute of science and technology) تعتبر هذه
المحاضرات اللبنة الاولى في تأسيس علم الهندسة الكيميائية معتبرةً اياها مجالاً
مستقلا بذاته.
وقد درس ديفيس الكيمياء والمعادن والهندسة الميكانيكية وعمل كميكانيكي وكيميائي في المصانع الكيميائية في بريطانيا (Britain) وشغل ايضاً منصب مستشار ومفتش صناعي مما اتاح له الفرصة بالاطلاع على مجموعة كبيرة ومتنوعة من العمليات والمخططات الصناعية المستخدمة في المصانع الكيميائية الامر الذي ساعده على استنتاج العوامل المشتركة فيما بينها ومحاولة صياغتها مجتمعة على شكل محاضرات ودروس تعطى في هذا المجال الهندسي الجديد وبهذا يعتبر ديفيس اول مهندس كيميائي في العالم فهو مؤسس علم الهندسة الكيميائية. لكن لم تهتم بريطانيا حينها بتطوير هذا العلم الهندسي الحديث كون ارباب العمل لم يتقبلوا فكرة مهندس كيميائي وضلوا يفضلون توظيف الميكانيكيين مع الكيميائيين اقتداءً برائد الصناعات الكيميائية حينها والتي هي المانيا.
وقد درس ديفيس الكيمياء والمعادن والهندسة الميكانيكية وعمل كميكانيكي وكيميائي في المصانع الكيميائية في بريطانيا (Britain) وشغل ايضاً منصب مستشار ومفتش صناعي مما اتاح له الفرصة بالاطلاع على مجموعة كبيرة ومتنوعة من العمليات والمخططات الصناعية المستخدمة في المصانع الكيميائية الامر الذي ساعده على استنتاج العوامل المشتركة فيما بينها ومحاولة صياغتها مجتمعة على شكل محاضرات ودروس تعطى في هذا المجال الهندسي الجديد وبهذا يعتبر ديفيس اول مهندس كيميائي في العالم فهو مؤسس علم الهندسة الكيميائية. لكن لم تهتم بريطانيا حينها بتطوير هذا العلم الهندسي الحديث كون ارباب العمل لم يتقبلوا فكرة مهندس كيميائي وضلوا يفضلون توظيف الميكانيكيين مع الكيميائيين اقتداءً برائد الصناعات الكيميائية حينها والتي هي المانيا.
3- تطوير المناهج
الدراسية للهندسة الكيميائية واعتمادها رسمياً في الجامعات الامريكية:
في عام 1888 قام استاذ الكيمياء لويس م نورتون (Lewis M. Norton) في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (Massachusetts Institute of technology) في الولايات المتحدة الامريكية (USA) بابتكار وتأليف اول منهج دراسي لمستوى الشهادة
الجامعية في الهندسة الكيميائية لمدة اربع سنوات, اعتمد
لويس في وضع منهجة على البحوث العلمية التي طورتها الجامعات الالمانية بهذا المجال
وعلى سلسلة محاضرات ديفيس التي نشرها في جامعة مانشستر التقنية حول ممارسات التشغيل
والصناعات الكيماوية البريطانية واعتمد ايضاً على الأسس التي وضعها ارمسترونج في
برنامجه الدراسي في معهد لندن من حيث بساطة دمج أسس
الكيمياء والهندسة معا.
في عام 1916
قدم ارثر دون ليتل (Arthur Dehon Little) مفهوم وحدة التشغيل (unit
operation) شارجاً من خلاله عمليات الكيمياء الصناعية (industrial
chemistry processes) , وفي عام 1923 ظهر في عالم الصناعة كتاب : مبادئ الهندسة
الكيميائية (The Principles of Chemical Engineering) لمؤلفيه ( WilliamH. Walker, Warren K. Lewis, William H. McAdams) حيث شرحوا في هذا الكتاب تنوعات من الصناعات المختلفة و أثبتوا أن كلها تتبع نفس القوانين
الفيزيائية ويمكن استخدامها في جميع الصناعات الكيماوية.
4- انتشار علم الهندسة الكيميائية في مختلف جامعات العالم:
حينها ابرز الجامعات التي اعتمدت تدريس الهندسة الكيميائية
كتخصص هندسي مستقل رغم ثقافة الرفض وقتها هي معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MassachusettsInstitute of Technology) في الولايات المتحدة، كلية أوين (Owen's
College) في مانشستر, جامعة كلية لندن (UniversityCollege London) و امبيريال كوليدج (ImperialCollege London) في لندن.
في عام 1908 أُنشئ المعهد الأمريكي
للمهندسين الكيميائيين (Americain Institute of Chemical Engineers) في الولايات المتحدة والذي يعرف بأسم (AIChE) ثم تبعه في عام 1922 تأسيس معهد المهندسين الكيميائيين (Institution of Chemical Engineers) والذي يعرف بأسم (IChemE) اللذان لعبان دورا رئيسيا في اعتبار الهندسة الكيميائية علم
هندسي مستقل وساهما بشكل كبير جدا في نشر ثقافة القبول للمهندس الكيميائي لدى
ارباب العمل وبأهمية دوره وضرورة تواجده على المستوى العملي في الوسط الصناعي وعلى
المستوى الاكاديمي في الوسط الجامعي وبعدها تم نسخ ولصق تدريس الهندسة الكيميائية في مختلف
جامعات العالم.
5- مكانة الهندسة الكيميائية بين باقي علوم الهندسة:
جدير بالذكر
ان في عام 1907، أصبح معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا أول مدرسة تمنح درجة الدكتوراه في الهندسة الكيميائية. وحالياً يعتبر
حملة الدكتوراه في الهندسة الكيميائية هم اصحاب أعلى نسبة من حملة الدكتوراه من أي
فرع آخر من فروع الهندسة في الولايات المتحدة ولا ادري ان كانت ايضاً كذلك في
مختلف دول العالم.
مؤخرا تصنف الهندسة الكيميائية على انها العلم
الهندسي الاكثر طلبا واقبالا لدى الطلاب الدوليين واوسع فروع الهندسة واغناها من
حيث دسامة المادة البحثية واكثرها نمواً ودائماً في تطور مستمر.